ارشيف الأخبار

جامعة عجمان تشارك في أعمال المؤتمر الدولي الثالث حول المياه والطاقة والبيئة بالجامعة الأمريكية في الشارقة

الخميس, مارس 26, 2015
جامعة عجمان تشارك في أعمال المؤتمر الدولي الثالث حول المياه والطاقة والبيئة بالجامعة الأمريكية في الشارقة

 شاركت جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في أعمال المؤتمر الدولي الثالث حول المياه والطاقة والبيئة، الذي نظمته الجامعة الأمريكية بالشارقة، بالتعاون مع جامعة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة 24-26 مارس 2015، بورقة بحثية حول "التأثيرات البيئية لتحلية المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة: التحديات ومقترحات الحل".

الورقة من إعداد الأستاذ الدكتور زين العابدين رزق عميد معهد البيئة والمياه والطاقة، الذي شارك في رئاسة الجلسة المسائية يوم الأربعاء الموافق 25 مارس 2015، حول "المياه المعالجة"، كما عرض ورقته البحثية في جلسة "الأغشية والتحلية" مساء نفس اليوم.

تناول الورقة البحثية تطور صناعة التحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتحديات البيئية التي تواجهها، وتضمنت مقترحات عملية لمواجهة تلك التحديات.

أشار الأستاذ الدكتور زين العابدين رزق في ورقته البحثية إلى اعتماد دول الإمارات العربية المتحدة على تقنية تحلية المياه منذ بداية السبعينات لسد الفجوة بين مصادر المياه الطبيعية المحدودة والطلب المتزايد على المياه للاستخدامات المختلفة. وأوضح أن نصيب الفرد من مصادر المياه الطبيعية في دولة الإمارات العربية المتحدة يبلغ 180 متر مكعب في السنة، بينما  تعتبر الأمم المتحدة أن الدول التي يقل فيها نصيب الفرد من المياه الطبيعية عن 1,000 متر مكعب في العام، تعتبر دولة فقيرة مائياً، وأضاف أن هذا يفسر لماذا تشغل دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية في العالم في تحلية المياه، حيث يبلغ نصيب دولة الإمارات العربية المتحدة 14% من الإنتاج العالمي. في المقابل فإن استهلاك الفرد من المياه في الإمارات يعتبر من أعلى المعدلات العالمية حيث يبلغ استهلاك الفرد 596 لتر في اليوم، أي ضعف استهلاك الفرد من المياه في اليابان (307 لتر للفرد في اليوم) التي تعتبر من الدول الغنية بمواردها المائية، وحوالي ستة أضعاف استهلاك الفرد من المياه في تونس (106 لتر للفرد في اليوم).

وأشار إلى أن موارد المياه المتاحة بلغت 4,549 مليون متر مكعب عام 2008، منها 2,326 مليون متر مكعب مياه جوفية بنسبة 51.1%، وحوالي1,664 مليون متر مكعب مياه تحلية بنسبة 36.6%، وحوالي 559 مليون متر مكعب مياه معالجة بنسبة 12.3%، كما أشار إلى أن الزراعة تستهلك 93% من مصادر المياه الجوفية، بينما يبلغ حجم الاستخدام المنزلي والصناعي 92% من المياه المحلاة، أما مياه الصرف المعالجة، يتم استخدام 63% منها فقط في ري الحدائق العامة وتجميل المدن بينما يتم التخلص من الجزء المتبقي دونما استفادة..

وأشار إلى أن الموارد المائية المتوقعة من المصادر المختلفة عامي 2020 و 2025، هي 4,717 و 7,134 مليون متر مكعب على الترتيب، فإن كميات المياه المطلوبة تبلغ 10,197 و 14,380 مليون متر مكعب على الترتيب أيضا، بعجز يتزايد من  5,480 مليون متر مكعب عام 2020، إلى 7,246 مليون متر مكعب عام 2025.

 

واستعرض الأستاذ الدكتور زين العابدين رزق تطور صناعة تحلية المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأفاد بأن إنتاج المياه المحلاه في الدولة قد إزداد من 7 مليون متر مكعب عام 1973 إلى 1,825 مليون متر مكعب عام 2012، كما يوجد لدى الإمارات 83 محطة تحلية أغلبها يوجد في المناطق الساحلية، بينما يوجد عدد قليل منها في مناطق صحراوية. حيث تقوم المحطات الساحلية بتحلية مياه البحر بينما تقوم محطات المناطق الصحراوية بتحلية المياه الجوفية المختلطة والمالحة. وتعد تقنية التقطير الوميضي متعدد المراحل أكثر التقنيات شيوعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تمثل 52% من محطات التحلية بالشارقة، و 88% في أبوظبي و 99.8% في دبي. وتمثل تقنية التقطير متعدد التأثير 10% من محطات تحلية المياه في أبو ظبي، و 30% في الشارقة، أما تحلية المياه بتقنية التناضح العكسي فتمثل 0.2% من محطات التحلية في دبي، و 2% في أبوظبي، و 18% في الشارقة. كما أن إمارة أبو ظبي لديها 3 محطات تحلية تجريبية تعمل بالطاقة الشمسية بطاقة إجمالية تبلغ 638 متر مكعب في اليوم. وبصفة عامة فإن تقنيات التحلية الحرارية تنتج 81% من إجمالي إنتاج مياه التحلية، بينما تسهم تقنيات التحلية باستخدام الأغشية بحوالي 19% من إنتاج مياه التحلية في الإمارات.

وعن الآثار البيئية لتحلية المياه، تواجه محطات التحلية مشاكل مثل التكلس، والترسب، واتساخ الأغشية، والتآكل، كما أن صناعة التحلية لها آثار سلبية على البيئية البحرية والمياه الجوفية. تنتج عن التخلص من المياه العادمة محطات التحلية الساحلية والداخلية. وقسم الأستاذ الدكتور زين العابدين تلك الآثار السلبية إلى فيزيائية، وكيميائية، وبيولوجية.

الآثار السلبية الفيزيائية لتحلية المياه تنتج أساسا من الفرق في درجات حرارة المياه الخام التي تدخل محطات التحلية ودرجات حرارة المياه العادمة الخارجة منها، حيث تكون درجات حرارة المياه العادمة أعلى 10 إلى 15 درجة مئوية عن مياه البحر. تصريف تلك المياه العادمة الساخنةا يكون له انعكاسات سلبية على الكائنات البحرية، والبيئة البحرية بشكل عام. فزيادة درجة حرارة المياه تعتبر نوع من التلوث لأنها تؤدي إلى انخفاض معدل الأكسجين الذائب، مما يؤدي إلى تسمم الكائنات البحرية وموتها في النهاية.

الآثار السلبية الكيميائية لصناعة التحلية تنتج على استخدام المواد الكيميائية أثناء المعالجة السابقة، والمعالجة اللاحقة، والكلورة، وإضافة مضادات الأكسدة، وتنظيف محطات التحلية. تلك العناصر الكيميائية تتركز في المياه العادمة، ولذلك فإن محطات التحلية تضخ أطنان من العناصر مثل الحديد والكروميوم والنيكل والموليبدنوم، بالإضافة إلى عناصر أخرى متعددة مثل الكلور والنحاس. وضرب الباحث أمثلة عديدة للمواد الكيماوية المستخدمة في المعالجة السابقة بمحطات التحلية، وأوضح تأثيراتها السلبية على البيئة البحرية.

الآثار البيولوجية لتحلية المياه تتمثل في فقد الكائنات البحرية في مناطق سحب مياه البحر إلى محطات التحلية نتيجة الارتطام والانحباس والكلورة، كما أن انخفاض الأكسجين الذائب في مواقع التخلص من المياه العادمة يؤدي إلى موت الكائنات البحرية. كما تؤدي الملوحة العالية للمياه العادمة إلى موت أشجار المانجروف وحشائش البحر والشعاب المرجانية، وارتفاع درجة الحرارة المياه العادمة يؤثر سلبا على الأسماك التي تعتمد على تلك الكائنات البحرية. كما تعد الأمونيا غير المتأينة الناتجة عن  تحلية المياه شديد السمية للكائنات البحرية 

للحد من الآثار السلبية لصناعة التحلية، اقترح الأستاذ الدكتور زين العابدين رزق بإعادة تدوير المياه العادمة في إنتاج الأملاح والكيماويات الصناعية، واستخدام تقنية الأحواض الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة، دعم البحث والتطوير في مجالات تحلية المياه. وفيما يلي مناقشة موجزة لكل من تلك المقترحات:

أوضحت بعض الدراسات التي أجريت في أستراليا أن المياه العادمة التي تصرفها محطات التحلية في البحر تبلغ قيمتها ستة أضعاف قيمة مياه الشرب التي تنتجها تلك المحطات، إذا ما تم تدويرها وإعادة استخدامها لإنتاج العديد من الأملاح والكيماويات الصناعية. لذا، ففي الوقت الذي تعتبر فيه المياه العادمة من أهم المشاكل التي تواجه صناعة التحلية من حيث آثارها السلبية على البيئة البحرية والمياه الجوفية، فأنه يمكن إعادة تدوير تلك المياه وعدم تصريفها في البحر أو حقنها في المياه الجوفية، بل والاستفادة منها في إنتاج الأملاح والكيماويات الصناعية. وتعتمد خصائص المياه العادمة على نوعية المياه الداخلة إلى محطة التحلية، تقنية التحلية المستخدمة، نسبة المياه المحلاة إلى كمية المياه الداخلة إلى المحطة، وكميات ونوعيات المواد الكيميائية المستخدمة في عملية التحلية. وعوضا عن التلوث المصاحب للتخلص من المياه العادمة في البيئة البحرية، فإن إعادة تدوير يصل بتصريفها إلى الصفر، علاوة على نشأة صناعة الأملاح والكيماويات الصناعية بالقرب من محطات التحلية. هيئة كهرباء ومياه دبي اقترحت نظام للتحلية وتدوير المياه العادمة عبر عملية متعددة المراحل، تشمل التحلية بالطرق التقليدية، مع استخدام تقنية الأحواض الشمسية. هذا النظام يؤدي إلى إعادة تدوير المياه العادمة عبر استخدام الأحواض الشمسية. كما أن الاستخدام المتزامن لتقنية التناضح العكسي مع تقنية التأثير متعدد المراحل المعتمد على الطاقة الشمسية، يمكن أن يرفع نسبة المياه المحلاة من 40 إلى 90%، حيث تظل لمياه العادمة في دورة مغلقة ولا يتم التخلص منها.  بل إن محطات التحلية التي تعمل بهذه الآلية تحول المياه العادمة الناتجة عن محطات التحلية التقليدية الموجودة إلى مياه شرب نقية.

المياه العادمة، التي يتم تصريفها في البحر أو حقنها في باطن الأرض، تحتوي على أملاح قيمة مثل كبريتات المغنسيوم المائية، وكلوريد البوتاسيوم، وكلوريد المغنسيوم، وأملاح البروم، والليثيوم، تلك الأملاح يمكن استخلاصها من المياه العادمة، وبالتالي تتحول تلك الأخيرة إلى منتجات عالية القيمة مثل الصودا الكاوية، وبيكربونات الصوديوم، وكربونات الصوديوم، وكلوريد الأمونيوم، وكلوريد المغنسيوم، وسيانيد الصوديوم، وهيبوكلورات الصوديوم، وكلوريد البوليفينيل، ورباعي كلوريدات التيتانيوم، وعنصر التيتانيوم، وحمض الهيدروكلوريك، والبوتاسيوم، وأملاح البروم والليثيوم. كما يمكن تحويل المياه العادمة إلى منتجات مفيدة تستخدم في معالجة مياه الصرف ومياه الصرف الصحي، تنقية ثاني أكسيد وثالث أكسيد الكبريت، صنع لوحات مثبطات اللهب خفيفة الوزن، إنتاج ملح إبسوم لزراعة البساتين، صناعة الطوب الحراري للأفران الصناعية وإنتاج معادن المغنسيوم. كما تحتوي المياه العادمة على كميات قيمة من أملاح البوتاسيوم، والبروم، والليثيوم.  البروم يعتبر من مغذيات الماشية الرئيسية، وفي صناعة العديد من المنتجات البترولية، والطبية، كما يستخدم عنصر الليثيوم بصفة رئيسية في صناعة بطاريات الليثيوم. تركيز المياه العادمة يؤدي إلى ترسيب متتابع لأملاح كربونات الكالسيوم، وكبريتات الكالسيوم، يليهما كلوريد الصوديوم، وفي النهاية تترسب أملاح المغنسيوم والبوتاسيوم. إنتاج الأملاح باستخدام تقنية تحلية مياه البحر باستخدام التناضح العكسي تعتبر مربحة في الإمارات حيث تتوفر الظروف الملائمة التي تتمثل في الإشعاع الشمسي القوي، ندرة الأمطار، إنخفاض قيمة الأراضي في المناطق الصحراوية، طرق المواصلات  الجيدة والسهلة للمطارات والموانئ، علاوة على سهولة الوصول للأسواق الآسيوية التي تعتبر مستهلك كبير للملح.

تتكون الأحواض الشمسية من ثلاثة طبقات مياه رئيسية، الطبقة العلوية تتكون من مياه باردة وعذبة، بينما تكون الطبقة السفلية ساختة (70 إلى 100 درجة مئوية) وشديدة الملوحة. يفصل بين هاتين الطبقتين طبقة ثالثة تمثل منطقة انتقالية تزداد ملوحتها من قاع الطبقة العلوية نحو قمة الطبقة السفلية. وتعتير تلك الطبقة الانتقالية بمثابة عازل شفاف يسمح بنفاذ وتخزين أشعة الشمس في الطبقة السفلية، والتي يمكن الاستفادة من مخزونها الحراري في توليد الطاقة اللازمة لتشغيل محطات التحلية.

لأن كل كيلومتر مربع من صحراء الربع الخالي يستقبل سنويا طاقة شمسية تعادل 1.5 مليون برميل من النفط الخام. فقد بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ 1984 في بناء محطات تجريبية تعمل بالطاقة الشمسية لتحلية مياه البحر والمياه الجوفية، وقد بلغت الطاقة الإجمالية لتلك المحطات 648 متر مكعب في اليوم. كما تعتبر محطة تحلية المياه باستخدام طاقة الرياح في جزيرة صير بني ياس، التي بنيت في 2004، أول محطة من نوعها في الشرق الأوسط. أمكن عن طريق هذه المحطة اكتساب المهارات التشغيلية لهذا النوع من المحطات، علاوة على إنتاجها مياه محلاة بأسعار منافسة لإنتاج المحطات التي تعمل بالطاقة الشمسية. وهناك تجارب عالمية على مضخات تعمل بطاقة الأمواج يمكنها تخزين كميات كبيرة من مياه البحر، واستخدامها في توليد الطاقة وتحلية المياه في نفس الوقت.

نوه الأستاذ الدكتور زين العابدين رزق في نهاية ورقته البحثية بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم الدعم لمؤسسات وطنية وإقليمية تعمل في مجال الأبحاث التي تتعلق بتحلية المياه، بهدف الوصول إلى حلول إبداعية لتطوير تقنيات التحلية الحالية، ومعالجة المشاكل البيئية الناتجة عن صناعة التحلية. وهناك ضرورة حتمية لتبادل المعلومات والخبرات والخبراء في مجالات تحلية المياه بين دول مجلس التعاون الخليجي نظراً لتشابه الظروف المناخية السائدة، والمياه الخام التي تدخل المحطات، والتقنيات المستخدمة في تحلية المياه. ويجب أن يمتد التعاون ليشمل إنشاء قواعد بيانات تشمل بيانات عديدة حول تحلية المياه، ودراسات حالة، والسير الذاتية للخبراء العاملين في المجال، والمنشورات، وورش العمل، والندوات، الدورات التدريبية في مجالات تحلية المياه.

ومن الجدير بالذكر أنه خلال الستة عقود الماضية أصبح لدى دول الخليج العربي خبرات لا يستهان بها في إنشاء محطات التحلية, وتشغيلها، وصيانتها، مما يوفر لتلك الدول مميزات في التعاطي مع المشاكل التي تواجه صناعة تحلية المياه، بل ويعطيها فرصة السبق في الممارسات المتميزة في تلك الصناعة الحيوية الهامة للدولة والمنطقة.