نظمت جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ندوتها الرمضانية الثالثة بعنوان "النهوض باللغة العربية" في مجلس معالي
د. سعيد عبد الله سلمان، الرئيس الأعلى لجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حضرها عدد من اللسانيين وخبراء اللغة من مدققين لغويين وأعضاء هيئة تدريس اللغة العربية الجامعيين والإعلاميين وشارك فيها د. عبد القدوس أبو صالح، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيس تحرير مجلة الأدب الإسلامي، وأ.د. وليد قصاب، مدير تحرير مجلة الأدب الإسلامي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية ود. عبد العزيز صافي الجيل ود. رفعت زنجير، عضوا هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا. وافتتح الندوة معالي د. سعيد سلمان باستعراض الفعاليات التي نظمتها الجامعة حول اللغة العربية وأهم المحطات التي تناولت فيها هذا الموضوع بالطرح والتحليل ثم ألقى عرضا بعنوان "مشروع للنهوض بالأمة من خلال النهوض باللغة العربية"، استهله بالتذكير بالمادة 7 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة الذي ينص على أن "لغة الاتحاد الرسمية هي اللغة العربية" وبتثمين قرار مجلس الوزراء رقم 2/21 لسنة 2008م الذي نص على إلزام جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية في جميع إمارات الدولة باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في جميع أعمالها ومكاتباتها ومخاطباتها، داعيا إلى تطبيق هذا القرار وتفعيله أكثر بدءا من الوزارات والجامعات وانتهاء بباقي المؤسسات والشركات حتى يتطابق التنظير مع الممارسة، ثم ضرب أمثلة لعدد من المصطلحات الإنجليزية العولمية الحديثة وأعطى مقابلاتها العربية لإبراز شمول اللغة العربية وقدرتها على استيعاب كافة أنواع المصطلحات وقابلية تعدد استخدامها في كل الميادين العلمية والتكنولوجية الحديثة، مبينا أن النهوض باللغة العربية يقتضي وضع أهداف قصيرة المدى وأخرى متوسطة المدى وأيضا بعيدة المدى، مع الحرص على حصر جميع التجارب التي خاضتها اللغة العربية في الفترة الماضية لجعل الناجع منها منطلقات للمستقبل. وأوضح د. سلمان أن ضعف اللغة يرجع إلى ضعف منتسبيها وإلى الخلل في نسيج الأمة وإلى انسحاق نخبها في إبداعات الآخرين وأن اللغة العربية لن تنهض من كبوتها إلا من خلال مشروع نهضوي للأمة يحمل لواءَه الحكماءُ من شرق العالم العربي وغربه ويكون أُسُّه نظام تعليم إبداعي يعمل على تخريج أجيال من المنافحين عن ثقافتهم وهويتهم ومن مبدعي المستقبل في شتى الميادين، مضيفا أن اللغة مرآة للفكر والوجدان وكائن حي يحيا بحياة الأمة ويموت بموتها، وأن أية إرادة للنهوض بها ينبغي أن تتجسد في مشروع عضوي تكاملي يستنفر كل طاقات الأمة ويجمع أغلب الميادين وجل الحكماء والنخب ويتكامل مع ما تقوم به وزارات الثقافة والتربية والتعليم العالي والجامعات ومراكز الدراسات والتراث ومجامع اللغة ومؤسسات المجتمع المدني التي تشاركنا الشجن. واستطرد د. سلمان بالقول أن الأمة تحافظ على لغتها حية ما دامت تسجل كَمًّا أو نوعًا من براءات الاختراع وما دامت رائدة في ميدان الملكية الفكرية، فإن أَفُل نجم اختراعاتها فإنَّ مآل لغتها إلى زوال أو موت. واقترح د. سعيد تكوين فرق بحث وعمل والعمل وفق خطة مشتركة متفق عليها لمباشرة العمل والمتابعة تكون بمثابة النواة لهيئة النهوض باللغة العربية، وذلك حتى لا يكون مصير هذه الندوة مماثلا لمصير المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي عقدت في العالم العربي حول نفس الموضوع ثم ظلت قراراتها وتوصياتها حبيسة الأدراج والرفوف!
وتلا هذا العرضَ الافتتاحي مداخلةٌ للدكتور عبد القدوس أبو صالح حول "لغة المدارس والجامعات بين الفصحى
والعامية" بدأ فيها بالتنويه إلى أن تحقيق مسألة التعريب رهينة بتعريب التعليم ومشروطة به. وقال د. أبو صالح إن إحساس الاستعمار بأن العربية هي التي تجمع العرب والمسلمين هو ما حدا به إلى إطلاق دعوات متكررة لاستبدال العامية بالفصحى أو باللهجات المحلية، معتبرا أن الذين دعوا بعد ذلك من أبناء جِلدتنا إلى القيام بنفس الأمر وجهوا طعنات شبه قاتلة إلى العربية. وأضاف د. أبو صالح أن الحل المباشر لهذه المشكلة هو إصدار قرار رسمي مثل الذي أصدرته دولة الإمارات العربية المتحدة يُلزِم جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية باستخدام العربية في كافة مراسلاتها، أو إصدار قرار رسمي يجعل اللغة العربية الفصحى لغة التدريس بالمدارس والجامعات كتابة ومحادثة، مستدِلا بذلك على تجربة الكيان الإسرائيلي الذي جعل اللغة العِبرية لغة العِلم وأصدر في وقت مبكر وقبل تكريسه الاحتلالَ الواقعَ في فلسطين قرارا بتبني العِبرية لغة رسمية في التدريس والدوائر الرسمية والخاصة، حيث احتفل الصهاينة بإنشاء جامعتهم في القدس سنة 1924 ومضوا في تحقيق أهدافهم دون الاكتراث بسخرية البعض، إلى أن غدت العِبرية أمرًا واقعا والقاعدةَ التي أسسوا بها "دولتهم". ويرى د. أبو صالح أن التدريس باللغة العربية الفصحى يتطلب إعداد معلمين أكفاء ومناهج تعليمية متطورة كماًّ وكيفاً سواء من خلال التأليف أو الترجمة ووضع طرائق جديدة في التدريس، مع التركيز على المرحلة الابتدائية، "فالدول المتقدمة والأمم الراقية تُخصص أحسن المربين وأكثرهم كفاءة للتعليم في المدارس الابتدائية وتعطيهم أحسن الرواتب، إيمانا منها أن المرحلة الابتدائية هي الأخطر والأساس لبناء مبدعي المستقبل، وهو-للأسف الشديد- عكس ما يحدث في الدول العربية". وختم د. أبو صالح بالقول إن العربية ما كانت لتؤول إلى ما آلت إليه لولا تخلي العرب عن دورهم في النهوض بها وتطويرها والإحساس بها "حتى غدا المستشرقون يغارون على اللغة العربية أكثر مما نغار نحن عليها" وحتى أصبحت شرائح واسعة من بعض الشعوب مثل أمريكا وإيطاليا أكثر إقبالا منا على دراسة اللغة العربية، وهو ما يحتم على العرب، يضيف د. أبو صالح، التعجيل بالقيام بعدة إجراءات منها إنشاء مركز للغة العربية الفصحى تتكامل اختصاصاته مع اختصاصات المجامع العربية، وتشجيع الأسر العربية لأولادها على التحدث بالفصحى، ومضاعفة الدول العربية لجهودها للقضاء على الأمية، والتزام الأدباء والشعراء بالفصحى وحصر الشعر العامي في الأدب الشفاهي، ورفض دوائر الدولة لأية مكاتبة لا تلتزم بالفصحى، وإقامة أسبوع سنوي باسم اللغة الفصحى على غرار أسبوع المرور مثلا، ومراقبة وزارة الإعلام لجميع وسائل الإعلام حتى لا تستخدم غير الفصحى.
وتناول الكلمةَ بعد ذلك أ.د. وليد قصاب، بعرضٍ حول "موقف الحداثة من اللغة العربية" اعتبر فيها أن العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل وإنما هي عقيدة وانتماء وثقافة وهوية، "إذ يكفي أن مليار و300 مليون مسلم يقرؤون بها القرآن الكريم" مبينا أن العربية تتعرض لغزو فكري خطير متعدد الجبهات، إذ تارة تُطعن باسم الحداثة وتارة باسم الواقعية وتارة باسم العولمة. فباسم الحداثة قامت طائفة من الأدباء بممارسة ضروب من الهدم والتشويش والتشكيك في قدرة اللغة العربية على مجاراة العصر والعلوم، وزعزعت التشكيلات اللغوية السائدة وطالبت بإذابة كل صلب وتحويله إلى شيء أثيري "حتى أضحى كل شيء غائما ملتبسا لا يُستمسك منه بشيء". وتأسف أ.د. قصاب على الطريقة التي تعامل بها عدد من المثقفين مع اللغة العربية من خلال دراستها دراسة زمانية آنية عوض دراستها دراسة تاريخية تعاقبية، كما انتقد بشدة كل من تعامل مع تراث ماضي الأمة باستخفاف أوقلَّل من أهمية النحو أو دعا إلى التحرر من قواعد اللغة وأحكامها وابتداع صيغ لغوية جديدة، مبرِزا أن هذه الجهود "الحداثية" ما حققت شيئا غير إشاعة الغموض والالتباس في العربية، وأعطى بعض الأمثلة عن دعوات إحلال العامية محلَّ الفصحى والتي اعتبرها مؤسفة مثل قول أحدهم أن "لغة أهل مصر الحديثة هي العامية وليست العربية التي فرضها الفاتحون"!
أما العرض الثالث في الندوة فكان بعنوان "جهود جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا في النهوض باللغة العربية" قدمه
د. عبد العزيز صافي الجيل، عضو هيئة تدريس بكلية التربية والعلوم الأساسية بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، حيث قسمها إلى جهود داخلية وأخرى خارجية، فالداخلية منها تجلت في استخدام الجامعة للعربية الفصحى كتابةً ومحادثةً في جميع مجالسها ولِجانها، والتزامها بعقد ندوة عن اللغة العربية مرة كل فصل دراسي، وتطوير منهج وطريقة تدريس اللغة العربية بقسم اللغة العربية بكلية التربية والعلوم الأساسية، وفتح تخصصات جديدة باللغة العربية، وإنشاء أول قناة جامعية ناطقة باللغة العربية بإشراف كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية، وإنشاء هيئة للنهوض باللغة العربية والتخطيط لإنشاء قسم الدراسات العليا العربية. أما الجهود الخارجية، فهي المشاركة في عقد عدد من المؤتمرات والفعاليات حول العربية صاحب كلا منها تقديم عدد من المبادرات، وتسجيل الذخيرة اللغوية والتقنية للجامعة في المنظمة العالمية للملكية الفكرية، وتكوين بيت للحكماء والنخب يضم النخب المختارة من داخل الوطن وخارجه ويكون منطلقا لإعداد مشروع نهضوي شامل، وتأسيس كرسي للإعجاز القرآني من بين وحداته الإعجاز البياني، والعناية بالعربية من خلال تقييم البحوث المنجزة لغويا، وتشجيع ما يعزز مكانة اللغة في مجتمع الفعاليات والأعمال، وتكوين لجنة صياغة وتدقيق لغوي مهمتها تدقيق اللغة وتصحيح الأخطاء الشائعة، وتفعيل العلاقة مع مراكز البحوث والترجمة، وإلقاء عدد من الدورات التدريبية لتعليم العربية لمختلف فئات المجتمع، وإعداد برنامج معياري يهدف إلى تصميم امتحان معياري لقياس الكفاءة في اللغة العربية مثل التوفل في الإنجليزية.
وتناول الكلمةَ تاليا د. محمد رفعت زنجير، عضو هيئة التدريس بمقر الجامعة بالفجيرة، حول موضوع "التحديات التي تواجه العربية وعوامل النهوض بها"، حيث قسمها إلى تحديات أكاديمية وداخلية وخارجية، فالتحديات الأكاديمية تتمثل في المنهج والطالب والمدرس، والداخلية تتجلى في العاميات التي تزاحم الفصحى وكثرة الأخطاء الشائعة في جل وسائل الإعلام، والضعف اللغوي لدى بعض الصحفيين والإعلاميين واهتمام الإعلام بالمظهر أكثر من المخبر في اللغة، والخارجية تتجسد في مزاحمة اللغات الأجنبية الوافدة، والإعلاء من شأن اللغة الإنجليزية مقابل تغريب العربية الفصحى (جعلها غريبة) عند أهلها. وبعد هذه الصورة القاتمة عن واقع اللغة العربية، رسم د. زنجير صورة أكثر وردية عن الآمال المُبَشِّرة بمستقبل اللغة العربية منها آمال تعود لطبيعة اللغة باعتبار كمالها وجمالها وعذوبتها على اللسان، ومنها آمال تعود لواقع انبعاث الأمة مثل اليقظة العلمية والحضارية وانتشار الجامعات والمعاهد التي تبشر بالعربية حول العالم وظهور محاولات تعليم العربية عبر البرمجيات والتقنيات الحديثة، ومنها آمال تعود لارتباط اللغة بالدين (إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) باعتبار العربية باقية بقاء الدهر وبالنظر إلى تزايد الجاليات العربية المهتمة باللغة العربية وتزايد الاهتمام بالإعجاز القرآني والحديثي. ولخَّص د. زنجير وسائل النهوض بالعربية في تعميمها في التعليم بكافة المراحل الدراسية ووضع مناهج معاصرة ذات نصوص سهلة وميسرة، وتعميم لغة تواصلية للإعلام من المحيط إلى الخليج وإعادة الاعتبار لمعلمي اللغة العربية ونشر المعاهد والمراكز التي تبشر بالعربية حول العالم وإحياء الحوار والنقاش العلمي باللغة العربية وتوحيد جهود ومصطلحات المجامع اللغوية والتنسيق بينها ونشر الآداب الإبداعية بالعربية وتعميمها، والبحث في عيوب المناهج القائمة وطرق تقويمها والسبل النافعة لإعداد المعلم الناجح الذي يستوعب تحديات العصر ويتخلق بأخلاق المهنة ويكون له من الصبر وقوة الإرادة ما يستطيع معه مواصلة رسالة نشر اللغة العربية، وإيجاد القاموس المعاصر المصور الذي يفي بحاجة الطلبة والدارسين. وختم د. زنجير بالتأكيد على أن للجامعات دور رئيس في نهضة العربية والحفاظ عليها وبأن التمسك بالعربية الفصحى والسعي إلى إحيائها وتطوير الدراسات حولها دعامة من أولى دعائم النجاح الحضاري لكل أمة تسعى أن يكون لها مستقبل مشرق في الغد القريب.
وتلا هذه العروض نقاشٌ مستفيض من طرف الحاضرين، حيث قال د. محمد الديباجي، رئيس قسم اللغة العربية بكلية دبي للدراسات الإسلامية والعربية، أن جميع الأمم التي تحترم نفسها تعتبر أن اللغة هي أساس تكوين شخصية الفرد وأنه ليس هناك شيء أغلى من زرع حب العربية في الطفل وأن القرآن بالإضافة إلى كونه دستور تشريعي من درجة عالية هو كتاب أدبي بالغ الروعة والجمال. وقال د. فاضل السامرائي، أستاذ لغة عربية، أن اللغة العربية جهاز تعبير متطور في غاية التقنية لا يدانيه أي جهاز تعبير آخر في غناه وتنوع خصائصه ومواصفاته مثل التوليد والاشتقاق والنحت والتقديم والتأخير، مبيِّنا من خلال ضرب بعض الأمثلة أن تعبيرا واحدا في العربية له 18 صورة لكل صورة منها معنى مختلف عن الأخرى، وهذا يعود إلى كون كل تركيب وجملة في العربية إذا اختلف نظمها اختلفت دِلالتها، وهو أمر غير متحقق في غيرها من اللغات. وقال د. محمد عبد الحي، أستاذ لغة عربية، أن اللغويين يعرفون أن اللغة تراث من خلال العامل الحضاري والثقافي والعسكري والاقتصادي والسياسي واللساني، وأن اللغة العربية ليست لغة التميز في جميع الدول العربية ورسميتها في الدستور لا قيمة لها ما دامت هذه الرسمية غير متحققة في واقعها اليومي، مضيفا أن العربية هي اللغة الوحيدة بين لغات منظمة الأمم المتحدة الستة التي ليس لها معجم حديث شامل، كما عاب على بعض مدرسي اللغة العربية طريقة تدريسهم واصفا إياها بالموغلة في التقليد باعتبارهم يُدرسون العربية من خلال نصوصها. وقال د. إبراهيم الشامي، عضو هيئة التدريس في قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الإمارات، أن المُلاحَظ على طلبة الإعلام هو تركيزهم أكثر على الإملاء والقواعد فقط وهو ما ينتج عنه تكوين طالب يكتب قواعد اللغة دون إجادة استخدامها إعلاميا، موصيا أساتذة الإعلام بنهج طريقة مغايرة مع طلبة الإعلام تقوم على تدريب الطالب من اليوم الأول على كيفية تقديم البرامج وإلقاء مختلف الفقرات الإعلامية مع تتبعهم للأخطاء التي يقع فيها الطالب وتصحيحها أولا بأول ثم متابعة تحسن مستوى طالب الإعلام بانتظام. وقال أ.د. رضوان الداية، عضو هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أن العاميات هي في الأصل لغات عربية أصابها ما أصابها ويمكن تصحيحها، وأنه لا ضرر من الإبداع الشفهي بالعامية مستدلا في ذلك بقول الأديب والشاعر أحمد شوقي: "اصنعوا زجلا لو اضطررتم إليه، لكن شرط أن يكون أخلاقيا". وأضاف أن العرب، عكس الأمم الأخرى، فقدوا الحماسة للغتهم، ففرنسا مثلا تُحاكِم كل من يتحدث بغيرها في المحافل والدوائر الرسمية، في حين أن العرب أكثر الناس استهانة بلغتهم وحديثا بلغة غيرهم!"
وأوضح أ.د. يوسف محمود، عضو هيئة التدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، أن هناك فرق جوهري بين نمو اللغة وتطورها، فاللغة العربية ثبتت أركانُها بعد نزول الوحي وأصبحت كالطفل الوليد الذي ينمو ويستوعب المستجدات ولا يتطور، بينما اللغات الأخرى غير العربية تتطور وتنتقل من طور إلى طور. واقترح د. حاتم القضاة، عضو هيئة التدريس بجامعة عجمان، أن يُلْحَقَ كل مساق للغة العربية بمختبر تُمَارَس فيه مهارات الاستماع والمحادثة على غرار مساقات العلوم والفيزياء. وفي معرض رده على بعض التساؤلات، قال أ.د. وليد قصاب إن مجامع اللغة أصدرت عددا من المعاجم اللغوية لكنها ظلت –للأسف- غير معمول بها. وعن تعريب التدريس بالجامعات العربية، قال بأن ذلك لا يمكن أن ينجح إلا بقرار سياسي، مستطردا بالقول أن أية لغة تقوى بقوة أهلها وتضعف بضعفهم وأن تقهقر اللغة العربية حاليا ما هو إلا انعكاس لما يشهده العرب من انحطاط.
وتساءل أ. تيسير عماري، مقدم برنامج بقناة صانعو القرار، عن دور وزارات الإعلام العربية في دعم اللغة العربية عند بداية ظهور المحطات الفضائية، وأيضا عن المسؤول عن غياب التنسيق بين الجامعات وهذه المحطات والقنوات في تعيين مذيعين للأخبار ومقدمي برامج من المتمكنين في اللغة العربية معرفة وإلقاءً.
واختتم الندوة معالي د. سعيد سلمان، الرئيس الأعلى لجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، بالمطالبة بإحياء عملية إنتاج القواميس والمعاجم الحديثة والحرص على التنسيق بين مجامع اللغة العربية ومراكز اللغة العربية حتى تتكامل جهودها ولا تتشتت، وتنشيط عملية الترجمة في مجالات العلوم والتقنيات وعدم الاقتصار على ترجمة الآداب. ثم أردف أن مشكلة العربية ليست لغوية وإنما هي نتيجة صعق حضاري، فاللغة كائن قرين بأسباب القوة والانتصار، وأن نجاح الكيان الإسرائيلي في مشروع اللغة العِبرية هو ثمرة مشروع قام منذ قرون طويلة ساندته أوربا بالتاريخ الديني والثقافي وزودته بكل أسباب القوة سِلمًا وحربًا.
وخرجت الندوة بعدد من التوصيات أبرزها إنشاء نواة لمجمع لغة عربية في منطقة الخليج مركزها جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ودعم هيئة النهوض باللغة العربية ماديا ومعنويا وتفعيل مهمتها والإسهام في تحقيق أهدافها، وتوسيع دائرة الهيئة وضم المعنيين باللغة العربية في العالم العربي إليها وتأسيس فروع للهيئة داخل الدولة وخارجها مع التنسيق مع رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعقد فعالية سنوية حول علوم اللغة من دِلالة ونحو نصانية، وفتح آفاق التواصل والتعاون مع مجامع اللغة والهيئات والمؤسسات المهتمة بالعربية، وتفعيل مركز اللغات والترجمة بالجامعة، وإصدار مجلة سنوية عن اللغة العربية بالجامعة، والدعوة إلى تعريب التعليم الجامعي والتشجيع على وضع معاجم المصطلحات العلمية المختلفة، والتشجيع على تحفيظ القرآن لما لذلك من دور في تقوية الملكة اللغوية، وتشجيع الأجيال الناشئة على القراءة بالعربية لتقوية اللغة، والتعاون مع شبكة ترجمة العلوم الطبية (أحسِن)، وتفعيل التعاون مع منظمة اليونسكو لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربة المستخدم. باستخدامك هذا الموقع، فإنك توافق على شروط سياسة الخصوصية الخاصة بنا.